المبادرة إلى الطاعات والإكثار من الخيرات

ـ المبادرة إلى الطاعات والإكثار من الخيرات :-
أبواب الخيرات كثيرة والإكثار من ولوجها مما يزيد الإيمان نذكر منها :
* عيادة المريض وإطعام الجائع : ـ
يروى النبى  مشهدا من مشاهد يوم القيامة فى صورة حوار بين الله وعبده عن الله عز وجل يقول الله تعالى يوم القيامة : " يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ، قال أو ما علمت أن عبدي فلان مرض فلم تعده أما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده، يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب وكيف أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما لو سقيته لوجدت ذلك عندي "
* السعى فى قضاء حوائج المسلمين :
قال تعالى : " وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " ، "وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم" . " وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال رسول الله  "من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" 0 وقال  " الخلق عيال الله أحبهم إليه أنفعهم لعياله" وفى الحديث " لئن يمشى أحدكم في قضاء حاجته وأشار بإصبعه أفضل من أن يعتكف فى مسجدي هذا شهرين"
* إماطة الأذى عن الطريق :
روى الشيخان عن النبى  " بينما رجل يمشى بطريق وجد غصن شوك فأخذه فشكر الله له فغفر له" وفى رواية "مر رجل بغصن شجرة على ظهر الطريق فقال والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يأذيهم فأُدخل الجنة "
* الإحسان إلى الجار :
عن ابن عمر وعائشة رضى الله عنهما قالا : قال رسول الله  " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله ؟ قال من لا يأمــن جاره بوائقـه " ، عن أبى ذر رضى الله عنه قال: قال رسول الله  : "يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك"
* الزيارة فى الله :
عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى  " أن رجلا زار أخا في قرية أخرى فارصد الله تعالى على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية قال هل لك من نعمة تربها عليه ؟ قال : لا غير أنى أحببته في الله تعالى ، قال فإني رسول الله إليك لأن الله قد أحبك كما أحببته فيه"
وعنه قال: قال رسول الله  : "من عاد مريضا او زار أخا له فى الله ناده مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا"
* الإحسان إلى اليتامى والمساكين :
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا شكى إلى رسول الله  قسوة قلبه فقال له: "إن أردت تلين قلبك فأطعم المسكين وأمسح على رأس اليتيم" . وقد كان دخول الجنة والزحزحة عن النار هو الشغل الشاغل للصحابة رضوان الله عليهم.
وهاهو الصحابى الجليل أبا ذر يسأل النبى  ماذا ينجى العبد من النار؟ قال: الإيمان بالله، قلت: يا نبى الله مع الإيمان عمل ؟ قال: أن ترضخ مما خوًّلك الله ( تعطى مما ملكك الله)، قلت: يا نبى لله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ ؟ قال: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قلت: فإن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ قال: فليعن الأخرق (الجاهل الذى لا يعرف صنعه)، قلت: يا نبى الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع، قال: فليعن مظلوما، قلت: يا نبى الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما؟ قال: ما تريد ان تترك لصاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس، قلت: يا رسول أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة؟ قال: ما من مؤمن يطلب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيديه حتى تُدخله الجنة"
بهذا يعيش المسلم فى مجتمعه ينبوعا يفيض بالخير والرحمة ويتدفق بالنفع والبركة، يفعل الخير ويدعو اليه ويبذل المعروف ويدل عليه، فهو مفتاح للخير مغلاق للشر، يصدق فيه قول النبى  : "طوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقاً للشر"
* مداومة الإنفاق فى سبيل الله :
إن الإنفاق فى سبيل الله دليل عملى وبرهان على الإيمان كما أخبرنا الحبيب المصطفى  فى الحديث الشريف: "والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك" ، ذلك أن النفس مجبوله على حب المال " وتحبون المال حبا جما " ، وهى شهوة تنمو مع المرء ولا تفارقه، كما قال الصادق الأمين  " لو كان لا بن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب" ولأن الشح مفتاح كل شر فقد أمر الله عز وجل عباده بالتطهر منه فقال : " وانفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ، وقال: "وأنفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " ، قال الحسن البصرى فى تفسير الآية : هو البخل .
والصدقة وسيلة لتزكية النفس والتطهر فقد صدر التوجيه من الله إلى حبيبه ومصطفاه محمد  "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " ، والتزكية والتطهر من المهام الأساسية للرسالة المحمدية : " كما أرسلنا فيكم رسولا يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة " .
والمرء يجد نفسه بين داعى النفس والشيطان اللذان يخوفانه الفقر: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء" وداعى الإيمان الذى يرغبه فيما عند الله : " مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم " والمرء يظل بين مد وجذر وشد وجذب يبخل أم ينفق ويصف الحبيب المصطفى  حال البخيل وحال المنفق فى سبيل الله فى حديثه الذى رواه أبى هريرة قال : " مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد أى درعان من حديد قد اضطرت أيدهما إلى ثدييهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة بمكانها " ، ويوضح الحديث حال البخيل وحال الذى يدرب نفسه على الإنفاق برجلين كل منهما يلبس درعا من الحديد ليس له أكمام او منافذ لخروج اليدين وقد شدت يدا كل منهما إلى ثديين وترقوتين فيما يشبه الغل ( القيد ) فكلما تصدق المتصدق بصدقة انبسطت منه حلقات الدرع شيئا فشيئا حتى تحررت اليدان تماما أما الآخر كلما هم ولم يفعل عادت الحلقات محكمة على صدره ولا زالت يداه مغلولتين0
أخى الحبيب أى الشخصين تحب أن تكون ؟
لا أظن أن أحدا يحب أن يكون ذلك المقيد المغلول بشحه إذن فلتجعل لك صدقة يومية مهما قلت واستجب لقوله تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله "
كن كأبى مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشئ ولو كعكة أو بصلة
فإن التصدق سوف يزيد الإيمان والإيمان يزيد بالتصدق وهكذا حتى تقتحم العقبة الكئود فى طريق تزكية النفس وزيادة الإيمان وهى الشح " فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام فى يوم ذى مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة " فإذا انطلق المرء على طريق الإيمان انبسطت يده وانفق مما يحب " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ، تلك الآية التى سمعها أبو طلحه فتصدق بأحب ماله إليه وهى ( نخل بيرحاء ) قائلا للنبى : " إنها صدقة أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله  : "بخ ذاك مال رابح ، بخ ذاك مال رابح " وقد كان صحابه النبى  يتنافسون فى هذا الميدان ، قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه " أمرنا رسول الله  يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندى فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالى فقال رسول الله  : ما أبقيت لأهلك؟ فقلت : مثله، قال وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال رسول الله: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك لشئ أبدا "
والصدقة أخى الحبيب حجاب لصاحبها من النار وهى ظل لصاحبها يوم القيامة وفى الدنيا دواء للمرض وتدفع البلاء وتيسر الأمور وتجلب الرزق وتقى مصارع السوء وتطفئ غضب الرب أعاننا الله واياك على اقتحام العقبة والمداومة على الإنفاق فى سبيل الله .